العدالة لعبدالصمد المحمدي

المحمدي.. تعذيب حتى الموت ووأد للعدالة

لم يكن المستثمر اليمني عبدالصمد المحمدي، يعلم ان تهمة كيدية ستقضي على حياته، وتصادر كل امواله التي جمعها طيلة ربع قرن من العمل في المملكة العربية السعودية.
كما لم تكن اسرته المكلومة، تعلم ان طريق العدالة في قضية عائلها، الذي قتل ظلما، سيكون شاقا ووعرا للحد الذي تعجز فيه عن دفع ملفه نحو اجراءات التقاضي رغم مرور نحو عام ونصف على مقتله تحت التعذيب.
في التاسع من سبتمبر عام 2021، داهمت فرقة أمنية مكونة من 25 شرطيا، بقيادة الملازم حسين جعفري من مكافحة المخدرات، منزل ومطعم المستثمر اليمني، عبدالصمد المحمدي (53 عاما)، في صبيا جنوب السعودية، للاشتباه بامتلاكه مبلغ 17مليون ريال سعودي من تجارة المخدرات.

تعرض المحمدي للضرب أمام العاملين وأمام زوجته وأطفاله من قبل رجال الامن الذين روعوا الاسرة، ونهبوا كل ثمين في المنزل بما في ذلك ذهب النساء، ثم اخذوا المحمدي الى مكان مجهول وعذبوه.

عادوا به الى مكان الاحتجاز، لكن مأمور السجن في ادارة جازان، رفض ادخاله، نظرا لكونه اشبه بجثة هامدة، مغمى عليه والدماء تغطيه، فأخذوه إلى مستشفى أبو عريش، ليموت هناك متأثرا بالتعذيب،
وفي 12سبتمبر2021، أبلغ الأمن السعودي أسمهان ثابت (زوجة القتيل) أن زوجها توفي وادخل الثلاجة في مستشفى أبو عريش.

لم يكن المحمدي تاجر مخدرات، وليست له اي سوابق اجرامية، لكنه مات تحت التعذيب وفقا لتقرير الطبيب الشرعي الذي اثبت وجود كسور في 9أضلاع، تسببت له بتخثر في الدم ادى الى الموت.
تجرم القوانين والانظمة في المملكة ممارسة التعذيب، وتعتبر ما تعرض له المحمدي جريمة قتل عمد موجبة للقصاص.
وطالبت اسرة عبدالصمد المحمدي بفتح تحقيق بالجريمة واحالة عناصر الامن المتورطين الى القضاء ليقول كلمته، وطرق محامي اولياء دم المجني عليه، مختلف دوائر القرار في المملكة، وتقدم بشكاوي عدة، الا ان ملف القضية لا يزال حبيس ادراج وزارة الداخلية التي ترفض احالته لاجراءات التقاضي، واحالة المسؤولين عن التعذيب للنيابة للتحقيق الجنائي.

قهر وحسرة:
“ما يوجعش الطير، ولا يجرح قلب”.. بهذه الكلمات القليلة، وبالكثير من الدموع، تتحدث والدة عبدالصمد بحرقة ووجع عن سيرة ابنها الذي كان مستقيما ومسالما للحد الذي لا يمكنه ارتاكاب اي مخالفة قانونية، وهو ما اكده فريق البحث الجنائي والتحريات السعودي، الذي لم يكتفي بتبرأة المحمدي من التهمة المنسوبة اليه فقط، بل قال ان سجله الامني خال من اي مخالفات سابقة، وانه يحظى بسمعة حسنة وعلاقات طيبة في منطقة صبيا التي كان يقيم فيها.
غير ان كل ذلك لم يشفع بتحريك ملف القضية الذي ما زال مغيبا عن العدالة، ومنذ نحو عام ونصف وأسرة المحمدي تعيش يوميا عذابات وجع الفقد، وتكتوي بنيران القهر والحسرة لتغييب العدالة.
ينفي تقرير البحث الجنائي السعودي ايضا، وجود أي شبهة في الأموال التي تم السطو عليها، ويؤكد سلامة مصادرها،(مليون و60 ألف ريال سعودي و556 جرام من الذهب الخاص بزوجته وبنتاه)، لكن هذه الاموال والمنهوبات لا تزال رهينة اجهزة الامن في جازان التي تحتجز ملف القضية ككل.
خاطبت الاسرة الجهات المسؤولة في اليمن، لكنها قوبلت بالخذلان، وتجدد أسمهان ثابت (زوجة المجني عليه) الدعوة إلى كافة المعنيين في اليمن والسعودية، والى منظمات حقوق الانسان ووسائل الإعلام والناشطين لمناصرتهم في تحقيق العدالة.
وتقول والدته التي لم تكف يوما عن البكاء منذ مقتله: مطلبي القصاص، وتضيف بعد ان وصل بها الحزن مداه، وطال نحيبها عنان السماء: خذوني بطائرة الى السعودية، ولن اغادرها حتى تتم معاقبة القتلة، وليقتلوني بعد ذلك إن أرادوا. 

Solverwp- WordPress Theme and Plugin

arArabic